ذكر مسؤول نقابي الثلاثاء 11-1-2011 أن عدد ضحايا العنف في مدينة القصرين التونسية ارتفع إلى 50 قتيلاً.
وقال الصادق المحمودي عضو الاتحاد المحلي التونسي للشغل (المركزية النقابية) "هناك حالة فوضى عارمة في القصرين بعد ليلة من أعمال العنف وإطلاق قناصة النار، ونهب وسرقة متاجر ومنازل من قبل الشرطة التي انسحبت إثر ذلك".



وأضاف المسؤول النقابي أن "عدد القتلى فاق الخمسين قتيلاً" بحسب حصيلة جمعت من مصادر طبية في مستشفى القصرين.

وقال موظف في المدينة التي تبعد 290 كلم جنوبي العاصمة، طلب عدم كشف هويته، إن المدينة تشهد "حالة فوضى عارمة" مؤكداً إطلاق النار من قبل قناصة كانوا متمركزين على أسطح بنايات وإن قوات الأمن أطلقت النار على مواكب جنائزية.
وتوقف موظفو مستشفى القصرين عن العمل ساعة احتجاجا على العدد الكبير من الضحايا وخطورة إصاباتهم، بحسب المصدر ذاته.

وأضاف الشاهد نفسه أن رجلا عمره 75 عاما وزوجته قتلا في حي الزهور بمدينة القصرين حين كانا بصدد دفن ابنهما الثلاثاء.

وكانت رئيسة الفدرالية الدولية لروابط حقوق الإنسان سهير بلحسن قد أعلنت في وقت سابق الثلاثاء أن العدد الإجمالي لضحايا الاضطرابات التي شهدتها مدن الوسط الغربي التونسي نهاية الأسبوع الماضي، بلغ 35 قتيلاً على الأقل.

وأضافت "إن حصيلة الضحايا مدعومة بلائحة بأسماء القتلى" بيد أن العدد الإجمالي للضحايا هو أكبر من ذلك وهو يحوم حول الخمسين قتيلا.

في هذه الأثناء أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مقابلة خاصة مع العربية أن لا اتصالات حالياً مع السلطات التونسية وأن واشنطن ستقوم بالاتصال بها عندما تهدأ الأوضاع في البلاد. وأكدت أن الولايات المتحدة ليست طرفاً في المواجهات الحاصلة هناك.

وكانت الحكومة التونسية استدعت السفير الأمريكي لديها، غوردون غراي، كردّ على استدعاء سفيرها في الولايات المتحدة، وكخطوة احتجاجية على تعليق واشنطن على الأزمة الاجتماعية المتفاقمة هناك.

وأكدت الخارجية الأمريكية صباح الثلاثاء، استدعاء تونس للسفير غراي، وقال المتحدث باسمه، فيليب كراولي إن "الاستدعاء هو عبارة عن محادثة تأتي إثر تعليقاتنا الأسبوع الماضي".

وكانت الولايات المتحدة استدعت الخميس السفير التونسي في واشنطن محمد صلاح تقية للتعبير عن قلقها حيال الأزمة في تونس، وطلبت احترام الحريات الفردية وخاصة في مجال الوصول إلى الإنترنت.

إغلاق حتى إشعار آخر

وكانت الحكومة التونسية أعلنت أمس إغلاق المدارس والجامعات "حتى إشعار آخر" وذلك في كافة أنحاء البلاد التي تشهد اضطرابات على خلفية البطالة منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وجاء القرار بعد ساعات من خطاب متلفز وجهه الرئيس زين العابدين بن علي أكد خلاله أن السياسة الاقتصادية تعطي أولوية للتوظيف، وأن البطالة ليست مشكلة حصرية تعاني منها تونس.

وقال إن "القانون سيكون هو الفيصل ونحن نواصل الإصغاء إلى مشاغل الجميع"، مشيراً إلى أن البطالة ليست مشكلة حصرية على تونس".

وأعلن أنه تقرر مضاعفة طاقة التشغيل وتعهد بتعيين الخريجين العاطلين عن العمل منذ سنتين، وعقد ندوة وطنية لبحث مشكلة البطالة، ودعوة النواب والأحزاب السياسية إلى التواصل مع المواطنين، وإعفاء مشاريع جديدة للتشغيل من الضريبة على الأرباح لمدة عشر سنوات.
وألقى بن علي بالمسؤولية عن الاحتجاجات وأعمال الشغب التي تشهدها البلاد منذ عدة أسابيع على من وصفهم بقلة يغيظها ما حققته تونس من نجاح في مختلف المجالات، استغلت حالة البطالة، وحالة فردية.

وأكد الرئيس التونسي في الخطاب، وهو الثاني له منذ بداية الاحتجاجات، أن تونس لن تتراجع عن سياستها في مجال التعليم رغم ما تتحمّله من نفقات كبيرة مقارنة بمواردها.

ووجه بن علي تحذيراً شديد اللهجة لمن وصفهم بالأطراف الحاقدة التي تلجأ للفضائيات المعادية، ولكل من يعمد للإضرار بمصالح البلاد والتغرير بأبنائها، مشدداً على أن القانون سيكون هو الفيصل.

قرارات أخرى

وأوضح أن البطالة مشكلة عالمية وليست حكراً على تونس، ولا تمثل تونس الحالة الأسوأ فيها، مؤكداً سعي الدولة لحل تلك المشكلة من خلال مواصلة الزيادة في الأجور ومضاعفة طاقة التشغيل في مختلف المناطق والجهات، لا سيما لحملة الشهادات العليا والذين تجاوزت مدد بطالتهم العامين.

وأعلن الرئيس التونسي في خطابه عدة قرارات منها:

أولاً: مضاعفة وخلق فرص جديدة للشغل خلال عامي 2011 و2012 بتضافر جهود الدولة والقطاع الخاص وجهات دولية لتشغيل أكبر عدد من العاطلين، لتستوعب كل حملة الشهادات العليا الذين تجاوزت بطالتهم عامين.

ثانياً: عقد ندوة وطنية تشارك فيها مختلف أحزاب القوى السياسية لوضع التصورات وتقديم الحلول المقترحة لمشكلة البطالة.

ثالثاً: إعطاء دفعة جديدة للإعلام الجهوي لتخصيص مساحة يومية بما يفسح المزيد من مجالات التعبير عن واقع ومشاغل المواطنين.

رابعاً: دعوة أعضاء البرلمان بمجلسيه لتكثيف حضورهم بجهاتهم وتكثيف تواصلهم مع المواطنين، وكذلك المسؤولين الإداريين للتواصل مع المواطنين وسماع مطالبهم.

خامساً: إعفاء كل مشروع جديد من نسبة عشرة بالمئة من الضريبة لمدة 10 سنوات.

نداءات لإجراء تحقيق فوري

وطالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان "بإجراء تحقيق فوري ومستقل لتحديد المسؤولين أمراً وتنفيذاً عن سقوط ضحايا مدنيين بالرصاص الحي وتحميلهم مسؤوليته الجزائية"، مشددة على "إطلاق سراح جميع الموقوفين أثناء الأحداث أو على خلفيتها".

وأكدت الحكومة التونسية الأحد في بيان شرعية حركة الاحتجاج، لكنها شجبت وسائل الإعلام واتهمتها "بالتضخيم" و"التهويل والتضليل".

وفي إجراء غير مسبوق أعلنت وكالة الأنباء الفرنسية سماح الحكومة التونسية الأحد لفريق من قناة تي.أف.1 الفرنسية بالوصول إلى مدينة سيدي بوزيد 265 كيلو متراً جنوب العاصمة.

من جانبها، أفرجت السلطات التونسية عن مغني الراب التونسي حمادة بن عمر والملقب بـ"الجنرال"، والذي تم اعتقاله على خلفية أغنية له بعنوان "رايس البلاد" انتقد فيها سياسة الحكومة التونسية في تعاملها مع وضعيات البطالة والفقر على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.

وفي أول رد فعل رسمي له، دعا الاتحاد الأوروبي إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين الذين كانوا يتظاهرون سلمياً في تونس، ودعت وزيرة خارجيته كاثرين آشتون الإثنين إلى "ضبط النفس" في اللجوء إلى القوة ضد المتظاهرين.

كما أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن أسفها "لأعمال العنف" في تونس، داعية إلى التهدئة، معتبرة أن "الحوار وحده كفيل بتجاوز المشاكل الاقتصادية والاجتماعية".

فيما استنكر عضو مجلس المستشارين والمنسق العام لحركة الاشتراكيين الديمقراطيين في تونس محمد مواعدة في تصريح لـ"العربية" موقف الاتحاد الأوروبي ووصفه "بالتدخل الأجنبي في شؤون البلاد الداخلية".

وأكد أن الأمور تسير نحو التهدئة وأن الحكومة التونسية "استخلصت الدرس"، مضيفاً في ذات السياق أن الحكومة تسعى لمعالجة الأوضاع بشكل ناجع.

وشكك مواعدة في حصيلة القتلى والجرحى الناتجة عن اشتباكات القصرين والرقاب التي أوردتها أحزاب معارضة، مؤكداً أنها "أرقام مغلوطة" قدمتها "أطراف مجهولة
".

0 commentaires

Enregistrer un commentaire

votre Commentaire