ذكرت تقارير صحفية، أن العقيد الليبي معمر القذافي يشرف بنفسه على اتصالات يجريها مبعوثون يمثلونه مع شخصيات محسوبة على المجلس الوطني الانتقالي المناهض له، ومع مسئولين من حكومات غربية، بهدف التوصل إلى صفقة لإنهاء الأزمة السياسية والعسكرية المحتدمة حاليا في ليبيا.

ونسبت صحيفة "الشرق الأوسط" الأربعاء إلى مصادر ليبية وصفتها بـ "رفيعة المستوى" بطرابلس، إن القذافي يسعى فعلا للبحث عن حل، لكنه يطالب في المقابل بضمانات دولية إذا ما قرر الرحيل والتخلي عن السلطة نهائيا.
ووفق المصادر، فإنه "في كل الأحوال، هو لا يريد أن يترك ليبيا، ربما يرغب في البقاء باعتباره رمزا تاريخيا، لكنه لا ينوي ممارسة أي دور سياسي وتنفيذي في ترتيبات المرحلة المقبلة. إنه يعهد إلى ابنه الثاني سيف الإسلام بهذه المهمة".
يأتي ذلك بعد إعلان أعلن المتحدث باسم الحكومة الليبية الثلاثاء، أن الحكومة لا تتفاوض بشأن تخلي الزعيم الليبي معمر القذافي عن السلطة خلال المحادثات التي تجريها مع ممثلين عن الثوار الليبيين للخروج من الأزمة، وقال إن المعلومات بشأن تنحي القذافي، أو سعيه للحصول على ملاذ آمن داخل أو خارج البلاد عارية عن الصحة.
وأجرى مسئولون ليبيون رسميون جولات مكوكية من الاجتماعات مع محسوبين على المجلس الانتقالي في تونس والقاهرة، لكنها لم تفض إلى أية نتيجة، على ما يبدو، بشأن مصير القذافي، فيما نقلت الصحيفة عن مسئول ليبي إن مسئولين سياسيين في حلف الأطلسي شاركوا بأحد هذه الاجتماعات على الأقل مؤخرا.
وقال هذا المسئول، إن "الحديث عن مفاوضات هو صحيح مائة في المائة"، لكنه أضاف بشكل مقتضب: "لم نصل بعد إلى مرحلة التفاوض المباشر مع أعضاء من المجلس الانتقالي. ما يحدث هو أننا نتكلم مع مقربين من المجلس وأعضاء في ائتلاف ثورة السابع عشر من فبراير".
ولا يزال القذافي يمسك بزمام السلطة بعد خمسة أشهر من الانتفاضة ضد حكمه المستمر منذ 41 عاما، مقاومًا بشدة كل المطالب الدولية لاستقالته وتعهد بالقتال حتى النهاية، لكن أعضاء من المقربين منه ابدوا استعدادهم للتفاوض مع المعارضين بما في ذلك التفاوض بشأن مستقبل الزعيم الليبي.
ووفق مسئول ليبي آخر، قالت الصحيفة إنه اشترط عدم تعريفه، فإن أبو زيد عمر دوردة، رئيس جهاز المخابرات الليبية، التقى في القاهرة مؤخرا مع الدكتور على الصلابي، الوسيط السابق بين الجماعات الإسلامية والنظام الليبي، خلال اجتماع غير معلن في القاهرة قبل بضعة أسابيع، مشيرا إلى أن اللقاء تناول البحث عن حل تجمع عليه مختلف الأطراف الليبية.
لكن عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى مصر والجامعة العربية، قال إن ما دار في اللقاء لا يخص المجلس الانتقالي، ولفت إلى أنه لم يكلف أي شخص أو أي جهة بالتفاوض مع نظام القذافي سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وأوضح الهوني أن الاجتماعات التي تمت حتى الآن لم يكن المجلس الانتقالي طرفا فيها بأي شكل من الأشكال، نافيا بذلك ما أعلنه باسم الحكومة الليبية، عن عقد محادثات بين مسئولين حكوميين ومعارضين في العاصمة المصرية بحضور شخصيات مصرية مسئولة.
وأضاف: "لم يحدث أي لقاء رسمي حتى الآن، وما قاله الناطق باسم حكومة القذافي للاستهلاك الإعلامي، وللإيحاء بوجود اتصالات بين النظام والثوار خلافا للحقيقة". وأكد أن ثوابت المجلس الوطني الانتقالي واضحة بشأن ضرورة تنحي القذافي رسميا عن السلطة أولا، وقبوله التنحي قبل الدخول معه في أي مفاوضات من أي نوع.
وقال: "رفضنا المبادرات التركية والروسية والأفريقية كافة لأنها لم تستجب لهذا الشرط، لا مكان للقذافي في مستقبل ليبيا، ولن نرضى بعد الآن بوجوده.. عليه الخروج فورا".
وكانت محاولات في السابق جرت بغرض التوصل إلى اتفاق سلام لكن محللين يقولون إن حاشية القذافي إن لم يكن الزعيم الليبي نفسه ربما يبحثون عن مخرج حيث أن الضربات الجوية والعقوبات تضيق من الخيارات المتاحة أمامهم.
وقالت عائشة ابنة القذافي الأسبوع الماضي إن والدها مستعد لعقد اتفاق مع المعارضة رغم إنه لن يغادر البلاد، لكن نجله سيف الإسلام رفض في تصريحات أخيرة دعوات لمغادرة القذافي ليبيا كثمن للسلام.
يذكر أن الصراع في ليبيا يقترب من حالة الجمود، حيث لا يتمكن مقاتلو المعارضة على ثلاث جبهات من التقدم بشكل حاسم نحو العاصمة الليبية فيما يتزايد التوتر داخل حلف شمال الأطلسي بشأن تكلفة العملية وعدم إحراز أي تقدم عسكري. من جهه اخرى سيطر الثوار الليبيون الأربعاء على قرية القواليش جنوب شرق العاصمة طرابلس، بعد معركة استمرت ست ساعات مع القوات الموالية للعقيد معمر القذافي، بحسب مراسل وكالة "رويترز".
وتدفق العشرات من مقاتلي الثوار على القرية من نقطة تفتيش انسحبت منها القوات الحكومية وأخذوا يطلقون النار في الهواء وهم يكبرون احتفالا بالسيطرة على القرية، وفق المراسل الذي أكد أن هناك شواهد على انسحاب سريع من جانب قوات القذافي، فإلى جوار نقطة التفتيش كانت هناك خيام منهارة وبقايا طعام إلى جانب شاحنة ومولد للكهرباء اشتعلت فيهما النيران.
وكان الثوار الليبيون أعلنوا عن بدء هجوم في وقت مبكر صباح الأربعاء على القوات التابعة للقذافي، المتمركزة على بعد 50 كلم جنوبي طرابلس، وجرى تبادل كثيف لإطلاق النار في قرية القواليش بين الجانبين.
وجاء ذلك بعد أن أعلن الثوار الأحد أنهم يستعدون لشن هجوم كبير في غضون 48 ساعة لاستعادة مواقع جنوب طرابلس كانت سيطرت عليها قوات القذافي.
بموازاة ذلك، سجل الثوار المتمركزون في مصراتة تقدمًا على الأرض الأربعاء، بعد أن تقدموا نحو 20 كلم غربًا نحو طرابلس، في الوقت الذي تقصف فيه القوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي مواقعهم.
وقال قادة للثوار في الدفنية على المشارف الغربية لمصراتة الخاضعة لسيطرة الثوار، إن قواتهم أحرزت هذا التقدم ليل الثلاثاء بامتداد جانب من الجبهة، في واحد من أكبر التطورات بالنسبة للثوار خلال أسابيع من القتال الذي يتسم بالجمود إلى الغرب من مصراتة.
لكن هذا يمكن أن يجعل المقاتلين عرضة للهجوم لأنهم لم يتح لهم الوقت الكافي للتحصن وبناء مواقع دفاعية. ومن مستشفى ميداني في الدفنية كانت تتردد أصداء تصادم قذائف مورتر ونيران مدفعية وصواريخ جراد روسية الصنع.
ورأى مراسل لـ "رويترز" بالمستشفى جريحين ينقلان من الجبهة. وأصيب واحد في الجزء العلوي من الفخذ بينما أصيب الآخر في ساقه. وأجرى لهما الفريق الطبي الإسعافات الأولية لنقلهما لمستشفى في وسط مصراتة التي تبعد 200 كيلومتر شرق طرابلس. وذكر أحد المقاتلين أن أحد زملائه قتل في قصف بالمدفعي

0 commentaires

Enregistrer un commentaire

votre Commentaire